آخر الموضوعات

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

طفلي يتعثر دراسيا..ماذا أفعل؟

النظام التعليمي يجب أن يعي قدرات الأطفال المختلفة والفروق بينهم
نسمع كثيرا من الآباء يشكون من تعثر أطفالهم النابهين وهو موقف محير ومحبط، فبعض الآباء يلاحظون هذه المظاهر أو بعضها لدى أبنائهم النابهين عند مساعدتهم في الاستذكار؛ ولأن الآباء على يقين من قدرات أبنائهم العقلية فإنهم يشعرون بالإحباط أو الغيظ وقد يتهمون أبناءهم بالإهمال أو عدم الاهتمام وذلك لعدم تفهمهم لهذه الظاهرة المركبة لدى الطفل الموهوب. 
طفلي يتعثر دراسيا..ماذا أفعل؟
طفلي يتعثر دراسيا..ماذا أفعل؟

وهنا تزداد خطورة الموقف فقد يعتبر الآباء والمعلمون أن الأداء المدرسي الضعيف دليل على انخفاض الذكاء برغم تفوق الطفل خارج المدرسة وقد يعتبرون أن هذا الأداء مؤشرا لما سوف يكون عليه الطفل في المستقبل وأنه لن ينجح في التعلم، وكلتا النتيجتين ظالمة وغير علمية وصعوبات التعلم يمكن معالجتها كأية حالة من حالات الاحتياجات الخاصة فقد بدأ الاهتمام بها نظرا لانتشارها لأن فهم الظاهرة هو الخطوة الأولى لعلاجها.

ضعف صحة الطفل يؤدى إلى عدم انتظامه في الدراسة بصورة جادة
وسائل التكنولوجيا أثرت في تواصل الطفل مع الآخرين وشتت تركيزه

وتعد مشكلة صعوبات التعلم من المشاكل الأساسية التي تواجهها المجتمعات المتقدمة حيث تصل نسبتها ما بين 15:12%بين أفراد المجتمع كما بينت دراسات أخرى أن هذه النسبة تتراوح ما بين 20:10%بين طلاب المدارس .. ورغم اختلاف التقديرات حول أعداد أو نسب الأطفال ذوى الصعوبات التعليمية، إلا أن مشكلة صعوبات التعلم تسبب للأطفال والمحيطين بهم معاناة لا يعرفها إلا من يعايشها، فهؤلاء الأطفال لديهم صفات الموهوبين من الدافعية والقدرة على حل مشكلاتهم الصغيرة والذاكرة القوية لخبراتهم التي يحبونها والقدرة على التعبير وحب الاستطلاع، أي كل القدرات العقلية التي ترشحهم للتفوق في مجالات الحياة المختلفة، ولكن بعض هؤلاء الأطفال النابهين نجدهم على عكس ما توقع لهم الآباء والمحيطون حيث يواجهون صعوبات في التعلم، فنجد أن أداءهم المدرسي لا يتناسب وقدراتهم العقلية .

يوضح د. خالد المنياوي_ أستاذ طب الأطفال المساعد بقسم التغذية بالمركز القومي للبحوث_ في دراسة له أن الأمراض التي لها علاقة بالوراثة أو الجينات مثل مرض الفوال وفقر دم البحر المتوسط قد يكون لها دور في درجة التعثر الدراسي نتيجة للضعف العام للطفل، بالإضافة إلى عدم قدرته على أداء المجهود الزائد المطلوب منه خلال الدراسة، موضحا أن الأمراض المزمنة كحساسية الصدر ونزلات البرد المتكررة والناتجة عن ضعف عام في صحة الطفل تؤدى إلى عدم انتظامه في الدراسة بصورة جادة .
ويؤكد د. المنياوي أن النمط الغذائي للطفل والأسرة له أثر كبير في وجود هذه الظاهرة لدى بعض الأطفال، فعناصر مثل الحديد والزنك والنحاس والماغنيسيوم لها علاقة واضحة بالنمو العضوي والوظيفي لخلايا المخ، التي تساعده على أداء وظائفه بكفاءة أفضل ورفع القدرة الذهنية للطفل، وبالتالي تجعل قدرته على التحصيل العلمي والدراسي أفضل .
وتبين الدراسة أن نوعية الغذاء الذي يتناوله الطفل قد يكون لها تأثير مباشر على المستوى الدراسي والتعليمي، فمثلا نجد أن تناول الأسماك بصورة متكررة وعلى رأسها سمك التونة يؤدى إلى تحسن واضح في درجة انتباه الطفل، بينما نجد أن أغذية مثل التي تحتوى على مكسبات اللون والطعم الصناعي لها تأثير ضار وتؤدى إلى زيادة حركة الطفل وعدم التركيز وصعوبة التذكر والشكوى المستمرة من سلوكه، سواء بالمنزل أو بالمدرسة .
وتعتبر الدراسة السمنة المفرطة من أهم أسباب التعثر الدراسى. وقد يحدث أن يكون الطفل المصاب بالسمنة مثارا لسخرية زملائه أو مدرسيه، مما يفقده الثقة بالنفس وبقدراته ويشعر بالإحباط فيفقد تركيزه ويؤدى هذا إلى تدنى مستواه الدراسي تدريجيا .
صور متعددة

من جانبها، تشير د. صفاء الأعسر _ أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس _ إلى أن هذه الظاهرة تأخذ صورا متعددة فبعض الأطفال يبدأ متميزا وفجأة أو بالتدريج يتعثر وينخفض أداؤه، والبعض يظهر لديه التعثر منذ بداية التحاقه بالمدرسة وهذه الفئة من الأطفال تختلط لديها الصفات الإيجابية والصفات السلبية .
وتذكر أن الآباء والمعلمين ينشغلون في الغالب بالجوانب السلبية ويركزون كل اهتمامهم على تقويمها وبذلك لا تحظى الصفات الإيجابية بما تستحقه من رعاية، ويحرم الطفل نتيجة لذلك من فرصته في التعبير عن موهبته وما يترتب عن ذلك من شعور بالكفاءة والاعتزاز، ذلك أن الطفل ذا التحصيل المنخفض ينمو لديه إحساس بالإحباط نتيجة لما يعانيه من مشاعر العجز فتفتر همته وتضعف دافعيته وقد يعوض ذلك بالمشاغبة أو العدوان أو غيرهما من السلوكيات غير المقبولة داخل الفصل .
مشكلات جسمية وعقلية
وتضيف د. صفاء الأعسر: هناك العديد من التفسيرات لهذه الظاهرة ومنها أولا: أن يكون وراء ضعف التحصيل أو الأداء المدرسي مشكلات جسمية أو عقلية ثانيا: أن يكون ضعف التحصيل تعبيرا عن التنافر القوى بين الطفل والبيئة المدرسية ثالثا: أن يكون ضعف التحصيل ناتجا عن خصائص في شخصية الطفل أهمها عدم شعوره بالكفاءة والاقتدار وضعف دافعيته للعمل المدرسي .
الوسائل الحديثة

وحول الأسباب الاجتماعية للمشكلة، يرى الخبير الاجتماعي د. حمدي حافظ _ أستاذ علم الاجتماع التطبيقي أن مشكلة تعثر الطفل النبيه ترجع إلى عدة أسباب أهمها: التكنولوجيا الحديثة؛ فالكمبيوتر واللاب والتاب والموبايلات الحديثة كان لها تأثير سلبي على الأطفال حيث أثرت في عملية التواصل مع البيئة الخارجية ومنها التواصل مع أفراد الأسرة في البيت وأيضاً في المدرسة وعدم التواصل يصيب الطفل بالفصام ويؤدى إلى عدم تركيزه في الأشياء من حوله .
إضافة لذلك، يشير د. حمدي حافظ إلى سبب آخر هو صعوبة المناهج وعدم مراعاة واضعي هذه المناهج لقدرات الطفل واستيعاب وفهم عقليته. 

ويوضح أن غياب التطبيق العملي والاعتماد على الحفظ النظري والتلقين جعل العلم مجرد شيء جامد.
أما عن دور المشاكل الأسرية، فيذكر أنها أسباب ثانوية لكنها قد تؤثر في نفسية الطفل وتصبح عاملا في تشتت ذهنه وفقدانه للتركيز ومن ثم في قدرته على الاستيعاب والتحصيل .

نحو العلاج
أما عن أهم وسائل علاج تلك الظاهرة فتشير الدكتورة صفاء الأعسر إلى أن هذه المشكلة تتطلب التزاما وبذل جهد ووقتًا وتفاؤلا في النجاح فلا توجد وصفة جاهزة وسريعة لحل المشكلات وهناك توصيات قدمها لنا المتخصصون لذوى التحصيل المنخفض ومنها أولا استخدام وسائل غير تقليدية في تعليمهم وهذا ما يسميه المتخصصون» وسائل تعويضية«، فمثلا إذا كان لا يحب القراءة فيمكن تسجيل الدرس على مسجل وإذا كان يجد صعوبة في فهم الأرقام والرموز فيمكن استخدام أشياء مجسدة لشرحها أو استخدام مسائل لفظية. 

كما توضح أنه لابد من مساعدة الطفل على معرفة جوانب القوة فكثيرا وبدافع الحرص نعدد للطفل جوانب الضعف ونغفل جوانب القوة، لكن من المفيد أن يعرف الطفل أن لديه جوانب قوة ننميها لديه .
إضافة إلى أن الشعور بالكفاءة والاقتدار مهم جدا لنمو الطفل النفسي والعقلي من خلال إعطائه فرصة ليعبر فيها عن مواهبه فيشعر أنه قوى وجدير بالثقة .

أما فيما يتعلق بالتفاهم التعليمي فتشير د. الأعسر إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار الاختلاف في جوانب القوة والقصور لدى أطفالنا وإذا قارنا بين طفلين متكافئين في الذكاء والقدرة العقلية فنجد أن لكل منهما حاجات مختلفة وكل منهما يتعلم بطريقة مختلفة، فإذا كان نظام التعليم يقدم أسلوبا موحدا فلابد أن تظهر صعوبات التعلم لدى من لا يناسبه هذا الأسلوب ولو أتيحت له الفرصة للتعلم بأسلوب يناسبه فسوف تظهر مواهبه ويتفوق .
وتضيف في هذا السياق يجب أن تراعى الدولة توفير معلمين في التربية الخاصة وهو التخصص الذي يعنى بحالات الأطفال الموهوبين وذوى صعوبات التعلم .


تحقيق: إيمــان حسـن
التعليقات
0 التعليقات
جميع الحقوق محفوظة لـ رابطة محبي د/إبراهيم الفقي
تعريب وتطوير ( كن مدون ) Designed By